لنتفق أولاً على مسألة مهمة وهي أن هذه الإشكالية قديمة وليست وليدة اليوم أو البارحة، فمنذ تخرجت الدفعات الأولى من شباب جامعة الإمارات في بداية ثمانينيات القرن العشرين وميدان التربية والتعليم يعاني عدم استقطاب للكوادر المواطنة من الذكور، في حين أن الفتيات شكلن دائما النسب الأعلى في الإقبال والتفوق، ويومها قيل إن وظيفة التعليم ذات طبيعة أمومية تناسب المرأة اكثر من الرجل، مع ذلك فإن الرجال يعملون في كل مدارس وجامعات العالم المتخلف والنامي والمتقدم لا فرق، فلماذا لا يقبل الشباب الإماراتيون على التعليم عندنا؟
مع ذلك فإنه من الواضح أن مهنة التعليم لا تجتذب شبابنا، بغض النظر عن حجم الراتب والحوافز والكادر الذي وجه به صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لتحويل بيئة التدريس إلى بيئة جاذبة، وهنا فإن عملا حقيقيا وضخما يجب أن يتم في إطار ترغيب الشباب في المهنة، إضافة لزيادة الرواتب والبدلات وتخفيف الأعباء وإعداد كادر سليم يقوم على الترقيات والعلاوات والدرجات إسوة ببقية الوظائف، وهنا نصل إلى بيت القصيد، فعلى طول تاريخ التعامل مع هذه المهنة (التدريس) خلال تعاقب وزارات التربية والتعليم، لم تعامل هذه المهنة بما يليق بها، برغم الحديث عنها على أنها مهنة جليلة وعظيمة ورسالة سامية و....
معلوم أنه لم يتوافق الحديث الجميل عن المهنة مع جهد قانوني وإداري ومالي للارتقاء بالمهنة حتى أصبحت للفتاة وظيفة أفضل من البطالة، أما بالنسبة للشاب فإن الفرص الأخرى أفضل بكثير من حيث المكانة والوجاهة والمردود والأعباء والالتزامات، في الحقيقة لم يبذل مسؤولو التربية جهدا لتغير الصورة النمطية للمعلم وللتعليم وها نحن نعاني اليوم مشكلة إعادة الاعتبار لأكثر المهن أهمية في تاريخ المجتمعات.