الشامتون بنا في الخليج يرونها عملية ابتزاز جديدة، وكأننا ما زلنا تحت سن الرشد العسكري، بل وتحت سن الرشد السياسي، لنتبين أين تقع مصلحتنا في باقة التحالفات التي تعرض علينا مرة عن طريق الحرير، وأخرى عن طريق الناتو، ثم طريق ترمب!
بل إن هناك من ذهب إلى القول إن الحلف ذريعته مواجهة إيران، إلا أن الهدف أن يكون ضد تركيا، لكون انسحاب القوات الأميركية من سوريا هو للمزيد من الأموال لبعض الدول الخليجية لإنشاء هذا الحلف الذي سيحل محل الأميركان! فالخيارات بعد الانسحاب لن تخرج عن تسليم مناطق الانسحاب للناتو العربي بموافقة الأسد. أو ترك المسرح السوري لروسيا، أو التعاون مع تركيا، مما يجعل الخيار الأول هو بقاء الأميركان بوجوه عربية وأسلحة أميركية. ولا شك أن موضوع قيام الناتو العربي ليس بجديد، لكن ما دفعنا لتجديد طرحه قبل القمة المزمع عقدها في الأردن؛ هو تجدد موقف الرئيس ترمب من حلف الناتو الأصلي؛ فالرئيس ترمب لا يخفي كراهيته للتحالفات الدولية والالتزامات المترتبة على بلاده منها، حيث تساهم بـ 80% من ميزانية الحلف، وفي ذلك «استنزاف» للخزانة الأميركية. كما أن القسوة على الناتو كانت من وعود حملته الانتخابية. كما أن فتح هذا الموضوع يحرف مسار مواضيع داخلية تضيّق عليه الخناق. ولعل ما شجع ترمب على المضي في هذا المنحى توجه الدول الأوروبية لإنشاء «جيش أوروبي موحد،» للدفاع عن قيم الاتحاد الأوروبي وليس لمصلحة أميركية. وعلى من اتهم دول الخليج بقابلية الابتزاز النظر ملياً في خطاب ترمب، خلال إعلانه في البنتاجون عن استراتيجية الدفاع الصاروخي للولايات المتحدة، 17 يناير 2019، حين حذر الناتو قائلاً: عليكم أن تخطوا للأمام وتدفعوا» مستحقاتكم المالية لميزانية الحلف؛ ولا «يمكن أن نكون الأحمق الذي يستغله الآخرون». أليس هذا هو الابتزاز!!
بالعجمي الفصيح:
لا يمكننا القول عن الناتو العربي إلا أنه يُقلق بمقدار ما يطمئن، فشراكة الناتو مع واشنطن لم تشفع له 70 عاماً من تهديدات ترمب بالانسحاب منه.