خرجت رهف من حيث لا يدري أحد، ومنحت أوتاوا في ساعاتٍ مفاتيح إدانة جديدة تشرع بها الأخيرة باب انتقادات واسعة في وجه الرياض.
وافقت كندا الجمعة الماضية على طلب الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنحت الفتاة السعودية رهف القنون حق اللجوء على أراضيها، بعد أن حصدت البنت اهتمام رواد مواقع التواصل، فارّة من «مضايقات نفسية وإساءة جسدية»، وفق ما نقلت عنها الوكالة الفرنسية.
«لا يمكنني الدراسة والعمل في بلدي، لذلك أريد أن أكون حرة، وأن أدرس وأعمل ما أشاء»، هكذا قالت القنون، وردت كندا بمنحها حقها في الحرية، كما استنجدت، فـ»هي بلد يدرك أهمية الدفاع عن حقوق الفرد والنساء في مختلف أنحاء العالم»، وفق ما أوردت وكالة «أسوشيتد برس»، الجمعة، عن رئيس الوزراء جاستن ترودو، الذي أضاف أن بلاده «مسرورة بقبول رهف».
لم تكتف الدولة المعروف عنها الدفاع عن حقوق الإنسان ولا رئيسها المفرط في التواضع، بمنح رهف حق اللجوء بعيداً عن بيئتها، بل أرسلت وزيرة خارجيتها كريستيا فريلاند لاستقبالها في مطار تورونتو الدولي، وأكثر من ذلك قالت فريلاند أمام عدد من الصحافيين إن الفتاة «أصبحت مواطنة كندية»، ووصفتها بأنها «شجاعة للغاية».
لفتت حادثة رهف أنظار ناشطات سعوديات، وأنظار العالم صوب المملكة، وسرعان ما صعد إلى الترند السعودي هاشتاج أسقطوا الولاية وإلا فسنهاجر جميعاً، وشاركت الناشطات تغريدات مطالبة بإسقاط نظام الولاية، ورأوه «قمعاً للمرأة وتحكماً في حياتها ومصيرها»، في ظل الانفتاح على العالم.
لم تعلّق الجهات السعودية بشيء، غير بيان مقتضب صدر عن سفارة الرياض في بانكوك، نافية فيه مصادرة جواز رهف القنون، كما نفت أيضاً طلبها رحيل الفتاة إلى بلادها، تعليقاً على ما ورد في وسائل إعلامية، وشددت على أن هذه القضية شأنٌ عائلي، ولكنها تحت رعاية السفارة واهتمامها.
حسمت الفتاة جدلاً قائماً، وأعادت إلى السطح التجاذب السابق في العلاقات السعودية الكندية، وأعادت إلى الأذهان خلافات قديمة بين البلدين.
ففي أغسطس الماضي، كان رد الرياض صارماً وصادماً، إذ طردت الأخيرة السفير الكندي، وجمدت التعاملات التجارية الثنائية، وتعاملت مع مطالبة كندية بإطلاق سراح الناشطة سمر بدوي على أنها استفزاز وتدخل في الشؤون الداخلية.
وزيرة الخارجية الكندية ردت آنذاك غير آبهة بانفعال الرياض، وقالت «إن بلادها ستدافع على الدوام عن الحقوق الإنسانية، أكان ذلك في كندا أم في بقية أنحاء العالم».
وها هي بلادها حقاً تجد الفرصة فتستنفر إعلامها ومسؤوليها، وتنجح في احتواء قضية حقوقية، وتثأر لخلاف سابق، وتزيد من أزمات السعودية، وتوضح للعالم حقيقة الحريات في الرياض، بعد معركة حقوقية معلنة، بدأها قبلها خاشقجي من قنصلية بلاده في اسطنبول.