في أدبيات التسلح يعرف بأن مقومات أو أركان الدفاع عن النفس لأي دولة من الناحية العسكرية تقوم على أسس ثلاثة هي: القوات البرية والجوية والبحرية. وهذه قاعدة عامة خاصة بالنسبة للدول المطلة على البحار فيما يتعلق بالقوات البحرية.
وبالنظر إلى أوضاع دول الخليج العربي وتحديداً الإمارات والسعودية، نلاحظ بأنها تواجه مخاطر جسيمة قادمة قد تأتيها من البحر سواء من داخل الخليج العربي أم من خارجه، وتكفي الإشارة إلى أن أجهزة الإعلام العالمية تردد وتلفت الانتباه بشكل متواصل ومتكرر إلى ما تسمعه باختلال أمن الخليج العربي نتيجة لعملية البناء العسكري الإيراني المتسارع على كافة الأصعدة بما في ذلك السعي نحو حيازة الأسلحة النووية، وإلى أن إيران تقوم منذ مدة ليست بالقصيرة ببناء قواتها البحرية وتطويرها وإدخال كل ما يمكن لها الحصول عليه من سفن ومعدات وأسلحة من الخارج، بما في ذلك الغواصات النووية التي حصلت عليها من روسيا، هذا بالإضافة إلى ما تقوم به من تصنيع في الداخل من أسلحة وصواريخ تطلق من البحر وتقوم باستعراضها وإجراء المناورات العسكرية الضخمة لها بشكل دوري متصل.
وفي الوقت الذي هو غير مشكوك فيه بأنه تحدث تغيرات استراتيجية رئيسية، إلا أن الكثير من الذي يُقال ويحلل ويتم التعليق عليه عن ميلان ميزان القوى الحالي في الخليج العربي في صالح إيران، فإن الدقة في ذلك غائبة، ويتم الاعتماد على ما تنشره وتقوله وتبثه إيران ذاتها عن نفسها وعن قوتها الضاربة، ومثل هذه الطروحات ثبت بأنها زائفة و«مفبركة» يراد من خلالها إيصال رسائل إلى أطراف عدة في الخليج العربي وخارجه أهمها الولايات المتحدة والسعودية والإمارات والاتحاد الأوروبي. وهذه قصة أخرى بحد ذاتها لن نخوض فيها في هذا المقال وسنتركها لحديث آخر.
بهذا الصدد دعوني أؤكد بأن الاستهانة بما تقوم به إيران والتقليل من مخاطره على دولنا على صعيد بناء أساطيلها البحرية وقواتها كافة أمر لا يجب أن يكون وارداً في أذهاننا وفي المطلق، ويجب أن يقابله بناء مماثل وربما أكبر حجماً وقدرة على الردع والتصدي، رغم عدم إيماني باستخدام القوة والعنف في علاقات الدول ببعضها بعضاً، لكن للضرورة أحكامها والضرورات تبيح المحظورات.