قالت صحيفة "طهران تايمز" الإيرانية، إن الحرب الإسرائيلية على غزة، التي أسفرت عن أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين وتدمير واسع للبنية التحتية، جرت في ظل مطالبات دولية متزايدة بالمحاسبة، إلا أن دولة الإمارات – بحسب الصحيفة – لم تكتفِ بدور المتفرج، بل انخرطت بشكل غير مباشر في دعم المنظومة العسكرية الإسرائيلية.
وذكرت الصحيفة أن أبوظبي التزمت، بصورة سرّية، بتقديم 2.3 مليار دولار لشركة Elbit Systems، أكبر شركة خاصة لتصنيع الأسلحة في إسرائيل، في صفقة وصفتها بأنها ثاني أكبر صفقة تسليح في تاريخ إسرائيل.
وبحسب التقرير، كشف موقع Intelligence Online الاستخباري عن الصفقة، مشيرًا إلى أن هوية المشتري أُخفيت عمداً عند إعلان الشركة عنها في نوفمبر الماضي، تفادياً لردود فعل غاضبة مع تصاعد مشاهد الدمار في غزة على المستوى العالمي.
وترى الصحيفة أن هذا الاستثمار يضع أبوظبي في موقع الداعم المالي للقاعدة الصناعية العسكرية التي تغذّي العمليات الإسرائيلية، وليس مجرد طرف محايد.
شراكة عسكرية في زمن الحرب
وأشارت الصحيفة الإيرانية، إلى أن الشركات العسكرية الإسرائيلية باتت تعمل علنًا في الإمارات منذ توقيع اتفاقيات أبراهام عام 2020، لافتة إلى وجود مكاتب لكل من "إلبيت سيستمز" والصناعات الجوية الإسرائيلية في أبوظبي.
وأضافت أن مجموعة EDGE الإماراتية واصلت توقيع اتفاقيات تعاون مع شركات إسرائيلية حتى مع استمرار الحرب على غزة، معتبرة أن هذا المسار لا يندرج ضمن "تطبيع عادي"، بل يمثل شراكة خلال فترة نزاع مسلح.
كسر الإجماع العربي
وقالت الصحيفة إن الدور الإماراتي أثار ردود فعل إقليمية، معتبرة أن أبوظبي لم تنسجم مع المزاج الشعبي العربي الرافض للحرب، بل سعت – بحسب التقرير – إلى تقويض أي إجماع عربي ضاغط على "إسرائيل".
وأشارت الصحيفة إلى حديث المحلل السعودي عبد العزيز الغشيان، في تصريح لموقع Middle East Eye، قوله إن "الإمارات تضع نفسها في موقع مُزعزع للإجماع العربي، وهو ما يجعلها ذات قيمة استراتيجية للولايات المتحدة وإسرائيل".
وترى "طهران تايمز"، أن هذا الدور سمح لإسرائيل بتخفيف الضغوط الدبلوماسية، عبر قنوات اقتصادية وإقليمية غير مباشرة.
اتهامات متكررة في ساحات إقليمية أخرى
وسّعت الصحيفة نطاق تحليلها لتشمل اتهامات سابقة وُجهت إلى الإمارات بدعم أطراف مسلحة في نزاعات إقليمية، لا سيما في السودان وليبيا واليمن، مشيرة إلى أن هذه الاتهامات – رغم نفي أبوظبي – تستند إلى مسارات لوجستية وشبكات تمويل.
واعتبرت أن نمط "النفوذ العسكري مع الإنكار السياسي" يتكرر في أكثر من ساحة، بما يعكس توجهاً استراتيجياً يقوم على توسيع النفوذ مع تقليص كلفة المساءلة.
"صوت بديل لإسرائيل في الخليج"
وفي سياق متصل، ربطت الصحيفة بين التطورات العسكرية الإقليمية الأخيرة وتصاعد الخطاب الإماراتي بشأن الجزر الثلاث المتنازع عليها مع إيران، معتبرة أن هذا التحرك يتقاطع مع ما وصفته بمحاولات إسرائيلية لفتح جبهات ضغط غير مباشرة بعد تراجع فاعلية الردع العسكري.
وقالت طهران تايمز إن "إسرائيل" تفتقر إلى الشرعية السياسية في الخليج، "وهو الفراغ الذي تسعى الإمارات إلى ملئه عبر تبنّي روايات إسرائيلية وتعزيز التعاون العسكري الصناعي"، ما يجعل أبوظبي، وفق تعبير الصحيفة، "صوتاً بديلاً لإسرائيل في المنطقة".
خلاصة موقف الصحيفة
واختتمت Tehran Times تقريرها بالتأكيد على أن السياسات الإماراتية، كما تراها الصحيفة، تمثل خياراً استراتيجياً واضحاً، يتمثل في دعم الصناعة العسكرية الإسرائيلية خلال حرب غزة، وتقويض أي تحرك عربي موحّد، والانخراط في ضغوط إقليمية ضد إيران.
وأضافت الصحيفة أن هذا المسار يتجاوز مفهوم التطبيع، ليصل إلى "مستوى المشاركة غير المباشرة في جرائم حرب"، معتبرة أن التاريخ سيُقيّم هذه المرحلة على هذا الأساس.